Tükendi
Stok Alarmıالمقدمة
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أفصح خلق الله النبي محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
تعد الصناعة المعجمية من أهم الأعمال التي لقيت عناية واهتمامًا كبيرين من المختصين والباحثين في المجال اللغوي، وذلك لدوافع مختلفة، مثل: الدوافع الدينية المتعلقة بحفظ القرآن الكريم من اللحن والخطأ في الفهم، والدوافع الاجتماعية المتعلقة بالأعاجم الذين أسلموا واقتنعوا بالإسلام منهج حياة، والدوافع الثقافية المنبثقة عن النضج والوعي اللذين وصل إليهما الرواة واللغويون، مما ولّد لديهم حرصًا دقيقًا على جمع مفردات اللغة، وتقوية جانبها الأصيل وتنقيتها من الدخيل . ولذلك تدل صناعة المعجم على عِظَم اهتمام الأمم بلغتها ومعاجمها التي تحفظ مفرداتها، مثل: اليونان والهنود، وتدرس لهم كل ما هو محيط بها، وكذلك كان العرب الذين دأبوا على حفظ لغتهم وتجميعها في مؤلفاتٍ عديدة، ونقل المعارف الأخرى إلى لغتهم .
وفي هذا الصدد، إذا صحّ أنّ المعجمات العربية القديمة كانت وما تزال حصونًا صانت اللغة العربية من الشتات، ونقلتها إلى الأجيال مع ما تزخر به من غنى وتنوّع وأصالة، فصحيحٌ أيضًا أن معارف البشر تتطوّر وتتنامى باطّراد، مما يجعل لغاتهم تتطور وتتجدد كذلك، خاصة بعد إفساح المجال لاشتقاقات جديدة، وتحرير السماع من قيود الزمان والمكان، وإطلاق القياس ليشمل ما قِيسَ من قبلُ وما لم يُقَسْ، وتوليد ألفاظ، وتعريب أخرى .
ومع تطور الصناعة المعجمية لدى الشعوب والأمم في أرجاء العالم، تعاظم إنتاج المعاجم وإعدادها في عديد من الدول العربية والغربية، وازداد الاهتمام حول المعاجم اللغوية عامةً التي تعنى بالحفاظ على ديمومة الثراء والتنمية اللغوية. واستنادًا إلى هذا، مع بشائر النهضة الحديثة التي انطلقت بوادرها الأولى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، ظهرت معاجم جديدة، بعضها لغوي بمعنى عام، وبعضها مختص، حاول أصحابُها قدر استطاعتهم تلافي العيوب في المعاجم القديمة، وتيسير المشقة على القارئ، وتطعيم المادة المعجمية بألفاظ جديدة .
وبسبب ظاهرة التنمية اللغوية جعل علماء اللغة العربية يضعون معاجم لغوية معاصرة تغطيّ مختلف المستحدثات العلمية، والتقنية، والفنية التي من شأنها استكمال متطلبات الحياة العصرية، بناء على ما يُحتاج إليه في إطار ما يحفظ للغة كيانها. فلذلك اتّبع اللغويون في ذلك وسيلتين مختلفتين؛ شملت الأولى جملة المقومات والإمكانات الذاتية التي تتمتع بها العربية من اشتقاق وتركيب وإبدال ونحت ومجاز وقياس، وانحصرت الثانية في عاملي التعريب والترجمة بوصفهما آليتين ناجحتين في نقل المعرفة الجديدة إلى العربية المعاصرة، وهما الوسيلتان ذاتهما اللتان اتبعتهما اللغة العربية منذ القدم في نقل علوم اللغات الأعجمية وثقافاتها التي اختلطت بها آنذلك . .